ولد آدم حنين في أسرة مصرية محافظة، حي شعبي عريق وسط عالم من الورش الحرفية بما فيها صياغة الفضة والذهب. -مهنة الأب والأخوان– ونشأ في زمن مصر الكوزموباليتانية حيث يتعايش أبناء الجنسيات والأيدولوجيات والديانات المتعددة في جو من التواصل الثقافي والإنساني الحيوي. فأصبح من بداياته محافظاً من ناحية على قيم أسرته ووطنه ومن ناحية أخرى منفتحاً على ثقافات متعددة، وفي تلك النشأة تشكلت شخصيته كفنان وإنسان إذ ضم نهر إبداعه خلاصة تأملاته للفن المصري القديم، بأبعاده الإنسانية والروحانية المستترة والرمزية المضمرة وملامح الشموخ والصرحية، والنقلات الناعمة لمستويات المنحوتة المشحونة بالطاقة بالرغم من سكونيتها الظاهرة، وحرية الجمع بين الكتل ثلاثية الأبعاد وبين النحت البارز.

اكتشف آدم المؤثرات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية والروحانية في رصيد الحكمة في الفن المصري القديم، وساقته الأقدار أن يلتقي تلك المصادر في تواصلها الحاضر من خلال إقامته بالبر الغربي للأقصر والنوبه وفيلة في قلب النيل، وفي بيته محترفه بمنطقة الحرانية وسط الحقول وأفق مقام الأهرامات الثلاثة بالجيزة يتأمل شروقاً وغروباً عبقرياً.

ثم أتيحت له فرصه الالتقاء بفنون الحداثة الغربية منذ نهاية الخمسينيات في أكاديمية ميونخ للفنون، ومع بدايات السبعينيات في باريس، التي أقام وعمل بها لمدة ربع قرن.

وتفاعلت جذوره الثقافية ومزاجه وسجيته الفنية مع أطياف الحداثة الغربية، واعتصم بتجربته الناضجة في وطنه بينما انفتح بوعي وحكمة مع الأفكار الجوهرية التي تلخص فنون الحداثة المعاصرة، فتبنى نزعة التجريب في الخامات والصياغات الأسلوبية، والحرية في التنقل من التمثيلي والتصوري، مخترقاً الحدود الزمانية للفن، وتبلورت في شخصيته رفضه لأي قالب أسلوبي محدد المعالم إذ كان يرى أن (الفنان الذي يجد أسلوبه يموت كفنان).

شهد نحته وتصويره تحولات متعاقبة من الواقعية إلى الاختزال إلى ما يقترب من التجريدية أو يعبرها، ورسم بالأكاسيد الطبيعية الملونة المذابة بالصمغ العربي علي ورق البردى ليشق طريقاً خصوصياً في فن التصوير المصري والعربي المعاصر يجمع فيه بين الجذور التراثية وسجيته المعاصرة.

فن آدم حنين هو بصمة وراثية لشخصيته وتراثه وإحاطته الواسعة بإبداعات العصر، ومن ثم فإن شخصيته تعكس ذلك الخليط الراقي المتحرر والمحافظ في الآن نفسه. ليصبح علامة فارقة في فنون النحت والتصوير في مصر.

ساهم آدم حنين في مشاريع قومية وعالمية عظيمة منذ عودته إلي مصر، إذ أشرف علي الترميم السليم لتمثال أبي الهول، ثم أسس سمبوزيوم أسوان العالمي في النحت علي الجرانيت، والمتحف المفتوح لآيات من أعمال النحت العالمي علي ربوه تطل علي نيل وحقول أسوان.

د. مصطفي الرزاز

نوفمبر 2021

En-tête des images